جولة في عالم المصممة اللبنانية ثريا شلهوب
يعتري المصممةَ اللبنانية ثريا شلهوب، التي تملك علامة أزياء باسمها، شغفٌ جارفٌ نحو كلٍ من الأزياء التنكرية التي تصممها وفقاً لذوقها، والمجوهرات التي لا مثيل لها في بهائها
ولعها بالفن بدأ في منزل أسرتها
تعود مصممةُ الأزياء اللبنانية المولودة في باريس بذاكرتها إلى الماضي وتتحدث عن أول عهدها بالتصميم قائلةً: “كنتُ في الثالثة عشرة من عمري تقريباً حين صنعتُ بيديّ بنطلونَ جينز خاصاً بي. وكان ذلك في فترة إعجابي ببريتني سبيرز؛ وقد مزقتُه، وأضفتُ إليه قليلاً من الخرز، وألصقت به كريستالات سواروڤسكي، الواحدة تلو الأخرى”. ومنذ ثلاث سنوات، تمكنت المصممةُ الشابة من تحقيق أحلام صباها فأطلقت علامتها “ثريا” للأزياء الجاهزة الفاخرة التي تتخذ من لندن مقراً لها. وتذكر ثريا، ابنةُ الفنانة التشكيلية اللبنانية منى ربيز، أن أسرتها كانت تعدّها خلال نشأتها للمستقبل الفني الذي ينتظرها. “كنتُ أرسم بجوار والدتي أثناء عملها، وكانت تعلمني كل أسراره لصقل مهاراتي. وكنتُ أكثر ميلاً إلى رسم الاسكتشات. وكنتُ أفضّلها لأنها تتيح لي تغيير الموضوعات في أغلب الأحيان”. وقد تلقت ثريا تعليمها في المنزل، ما أتاح لها الفرصة للتركيز على فنها. وعن ذلك تقول: “لم أكن لأتمكن من ذلك لو كنتُ قد التحقت بالتعليم المدرسي التقليدي. وهو ما يسّر لي أيضاً الوقت للسفر في أنحاء أوروبا في عُمْر مبكر”.
نشر للمرّة الأولى في عدد شهر سبتمبر 2019 من ڤوغ العربيّة
ديمقراطية الأزياء
وعن رؤيتها لعلامتها، تقول المصممة الشابة: “أودُ جعل الأزياء الراقية أكثر ديمقراطيةً وفي متناول الجميع. وفي ورشة التفصيل بباريس وخلال أعمال التشطيب التي ننفذها داخل الدار في لندن، نستخدم الترتر والتطريز والدانتيل. ونؤمن بأن النساء مخلوقات ساحرة، لذا نحبّ الأزياء التي تتيح سهولة الحركة، وتتسم بالملمس الجميل، والمفعمة بالأنوثة. كما نتلاعب بالأشكال، ونرى أن الخصر الملفوف سمة مميزة لأي إطلالة”. وفيما تستعد لاستضافة معرض حصري في مقر إقامتها بتشيلسي، تجذب ثريا بذلة “جمبسوت” مرصعةً بالترتر الأسود، وتقول فيما تهز أكمامها التي تنسدل حتى تلامس الأرض: “أهوى استخدام الموسلين على الأكمام. فهو خفيف وملائم للنساء اللواتي يرغبن في الكشف عن مفاتنهن دون إظهار ذلك. وشفافيته تمنحه الغموض وتسمح للقطعة بحريّة أكبر في الحركة”. وتضيف المصممة، التي تستمد إلهامها من “ليلة تحطيم اسطوانات الديسكو”، ذلك الحدث التاريخي الشهير الذي شهدته مباراة بيسبول أقيمت باستاد كوميسكي بارك في شيكاغو عام 1979: “جميع قطعنا هذا الموسم تحمل طابع حفلات الديسكو، وتزدان بالترتر، ومبهجة، ومناسبة لليالي الراقصة”.
رومانسية اللون الأسود
تقول ثريا: “الأسود أكثر لون يسعدني”. أما أكثر قطعة تفضلها المصممة، التي تتسم بالجرأة في اختيار أزيائها، فتتمثّل في معطف ضيق من ألكسندر مكوين، مزوّد بكاب. وعنه تقول: “صُمم هذا المعطف حين كان مكوين ما يزال على قيد الحياة. وهو مصدر إلهام عظيم. فالطريقة التي كان يترجم بها آلامه عبر الفن رائعة الجمال. وأحبّ حقيقة أن قطعه التي تتسم بالعنف والعمق، تمتاز بأنها عملية رغم ذلك”. ومثلما تفعل في دفاتر رسوماتها، ينبض شغف ثريا تجاه ملمس الأقمشة وبهائها بالحيوية التي تغمر خزانة أزيائها، حيث نجد سترة بنفسجية مزينة بالريش من توقيع شانتال توماس كانت في السابق ملكاً لوالدتها وتعتبرها أنجح قطعة في خزانتها. “حينما اشترتها والدتي، لم تكن هذه العلامة تصمم اللانجيري فحسب، بل وكانت تصنع أيضاً أزياء مذهلة حقاً”. كما ترى أن معطف والدتها العتيق المزين بالفراء، والذي صممه كريستيان ديور، قطعةً تتوارثها الأجيال ولا غنى عنها في الشتاء.
“أودُ جعل الأزياء الراقية أكثر ديمقراطيةً وفي متناول الجميع”
عاشقة للفخامة
ترى المصممة أن مقولة “كلما تضاعفت الفخامة ازدادت الأناقة” أول مبدأ ينطبق على المجوهرات. تقول: “أهوى الأقراط الصاخبة الفريدة وأملكُ مجموعة ضخمة من المجوهرات التي صُممت لأجلي”. وتبرِز قطعُ ڤيرساتشي الذهبية المصممة على نمط الباروك شعرَها الأسود وخصلاته اللامعة الهفافة، فيما تسهم تصاميم كريستيان لاكروا العتيقة التي لا تنقصها الجرأة وأقراط شانيل وموسكيني في إحاطة وجهها بإطار من اللمسات الفريدة. ولا تعد مجموعتها من الأحذية استثناءً من ذلك، وتحوي في الأساس تصاميم ميو ميو وبرادا. “أحب أحذية البلاتفورم الجيدة، وتلك المصممة بكعب سميك بارتفاع 18 سنتيمتراً، والمزخرفة بالكريستال. أما حذائي من مانولو بلانيك فهو الوحيد غير المرتفع عن الأرض”.
أزياء تنكرية باهرة
سواء في حفل نهاية العالم بباريس أم في أمسية لندنية يدور موضوعها حول القبائل، فإن عشق ثريا للأزياء التنكرية يتجاوز كل الحدود. “أياً كان موضوع الحفل، دائماً ما تكون أزيائي التنكرية مستلهمة من المحاربات. قبلية جداً أو بالأحرى زعيمة للقبيلة”. وتتوّج إبداعاتها من الأزياء التنكرية زينةٌ متقنة للرأس، وتتميز تلك الأزياء بالتطريز الثري، والزخارف المعقدة، والتصاميم الشفافة. وعن ذلك تقول: “أحب التيجان، وإذا أردتِ ارتداء زي تنكري، عليكِ أن تبذلي كل ما في وسعكِ. فهي فرصتكِ لتكوني شخصاً آخر لليلة واحدة”.
شغف بأطباق الشرق الأقصى
تقول ثريا ضاحكةً: “لستُ من المغرمات باليوغا أو بتناول شاي الماتشا. ولكني أحب المأكولات الآسيوية وأعشق الفطائر. وأجرب كل أنواعها قدر ما أمكنني”. ولإرواء شغفها بالمأكولات الصينية، تتردد ثريا على مطعم تشاينا تانغ في لندن الكائن بفندق دورتشستر، المسكون بروح العصور الغابرة والذي صممت ديكوراته المترفة على نسق الآرت ديكو، نظراً لما يقدمه في قائمته من أطباق كلاسيكية صينية تعد الأفضل في المدينة. وفي أمسيات يوم الجمعة، ترتدي شلهوب فستاناً قصيراً انسيابياً من ألكسندر ڤوتييه أو قطعة من الدانتيل من تصميم أليساندرا ريتش. “ستجديني دائماً أرتدي شيئاً براقاً. فهذا المكان يعود بكِ إلى الماضي حين كان للتقاليد معنى. عندما كان الرجال يتميزون بالذوق والأدب، أضحت النساء وقتها أكثر ثقةً، وبدأت حركة الأزياء تتزايد”.
ديكور يخطف الأبصار
ومثل خزانة أزيائها تماماً، فإن منزل ثريا اللندني يفيض بأجواء البريق والفخامة. “لطالما أحببتُ أن يكون منزلي مشيّداً على النسق المعماري القديم حيث تزدان الجدران بالزخارف وتكللها الأسقف العالية”. وتبدو حجرة المعيشة، التي تصطف بها الأعمال الفنية لوالدتها، مثل معرض فني، فيما تتسم قطع الديكور الداخلية بفخامة لا نهائية رغم بساطتها الاستثنائية، ويرسم معالمها أريكة مصنوعة على هيئة نجم البحر وطاولات قهوة مصممة مثل السُحُب من علامة إيدرا. “أحب إبقاء غرفتي خاويةً وبسيطة مع إضافة قطع أثاث فنية وعصرية. وتعد الثريا الضخمة القطعةَ المحورية”.
رسالة التحرير في عدد شهر سبتمبر: لهذا لا يجب أن تهتمي إن استهين بكِ!
ظهر المقال جولة في عالم المصممة اللبنانية ثريا شلهوب للمرة الأولى على الموقع الإلكتروني لڤوغ العربية
ليست هناك تعليقات: