شائع

تناقضات الموضة

في كتابها الجديد “الاحتشام: أحد تناقضات الموضة”، تكشف حفصة لودي عن عدة قوى مهّدت لقيام حركة الأزياء المحتشمة. وفي هذه المقتطفات الحصرية، تبحث عن إجابة لسؤال مفاده: لماذا باتت الأزياء وسيلةً للتميّز عن الأخريات وليس الاندماج معهن؟

إن الهجمات التي يشنها متطفلو مواقع التواصل الاجتماعي على الصور التي تنشرها مُدوِّنات الأزياء المحافظة على انستقرام وإصرار هؤلاء على افتقار تلك الصور للاحتشام ليست سوى شكل من أشكال الانتقاد وغيض من فيض سيل الجدل الذي يواجهه مفهوم الأزياء المحتشمة. بينما ينتقد البعض الآخر ألوان الأزياء وقَصَّاتها، وأهداف مرتدياتها، ويتطرقن إلى ما إن كانت علامات الأزياء الفاخرة التي تقدم لهن أزياء باهظة الثمن تراعي مبادئ القصد والتواضع، وهل من الممكن اعتبار التقاط صور السيلفي سلوكاً يدل على الاحتشام.

 

ولا يقتصر الأمر على ذلك فحسب، بل صدرت فتاوى ترى أن العباءات التي يبدعها مشاهير المصممين مخالفةً تماماً للزي الإسلامي، والأسوأ من ذلك، اعتبرت ارتداءها خطيئة. بيد أن الأصوات الإسلامية المتديّنة لم تكن وحدها مَن حسم هذه القضية؛ فقد بشرت فساتين غوتشي الفخمة على منصات العروض، على سبيل المثال، بعصر جديد في عالم الأزياء يرحب بالاحتشام، إلا أن البعض تساءل عن إمكانية دمج الألوان الزاهية، والأقمشة المعدنية، وبروشات الزينة في هذا النوع من الأزياء.

 

وفي مقال لها بصحيفة نيويورك تايمز، انتقدت الصحفيةُ ناومي فراي الأزياءَ المحتشمة قائلةً: “قد يُنظَر للأزياء المحتشمة باعتبارها تواضعاً زائفاً: فلابد أن تكوني امرأةً على درجة كبيرة من الأناقة والجمال لتطالبي بالحق في الظهور بهذا المظهر الأصولي العتيق”. وأضافت بأنه من المفارقات أن النساء الشابات في العشرينيات والثلاثينيات من أعمارهن هن اللواتي يقبلن على شراء هذا النوع من الأزياء، رغم الاعتقاد الاجتماعي السائد بأنه في هذا العُمر حين تكون المرأة قادرة على الإنجاب يجب أن تتباهى بجسمها قبل أن يتقدم بها العمر وتفقد جاذبيتها. بيد أن التصاميم المحافظة التي تشهد رواجاً في أنحاء العالم ليست مصممة للانطوائيات – إذ تستهدف النساء اللواتي لا يرغبن في التباهي بأجسامهن، إلا أنهن يتفاخرن بأزيائهن في المقابل.

 

ويرى مؤرخ الموضة دانييل جيمس كول، الذي نظّم ندوة عن الأزياء المحتشمة في جامعة نيويورك عام 2016، أن التقاليد العامة للاحتشام رغم تشابهها في الديانات الإبراهيمية الثلاث (اليهودية، والمسيحية، والإسلام)، إلا أن الأعراف السائدة لستر النساء المسلمات لأجسامهن أكثر صرامةً من تلك التي يتبعها اليهود الذين لطالما عمدت نساؤهم إلى تعديل الأزياء الغربية لتغطي الركبتين. ويرى دانييل أن التصاميم الفاخرة التي تلامس الأرض تستهدف المستهلكات المسلمات اللواتي غالباً ما يتوقع الناس منهن تغطية أقدامهن. ورغم ذلك، قد لا يتفق هذا النوع من الأزياء مع المبادئ الإسلامية عن التواضع والاحتشام. وأوضح لي في اتصال هاتفي: “يرى كثير من الناس أن فكرة ’الأزياء المواكبة لأحدث صيحات الموضة‘ أو الأنيقة تتعارض مع المفاهيم الإسلامية للاحتشام . لذا إذا ارتديتِ أزياءً جذابة أو مبهرة، قد يكون ذلك حراماً”.

 

ولكن تعتقد كثير من النساء أنه طالما كانت الأزياء تستر أجسامهن، فقد حافظن على احتشامهن، أيّاً كانت الأقمشة المستخدمة. تقول ديانا خليل: “حين أطلقنا علامة ’عباية أديكت‘ لأول مرة، واجهنا كثيراً من الانتقادات من داخل المجتمع المسلم في العالم لأننا نقدم أزياء غنية بكثير من الألوان أو لأننا نستخدم طبعات لافتة للأنظار. ولكننا نرى أنها أزياء مناسبة طالما أن المرأة تستر ما يجب ستره”. وتعدّ الألوان من التفاصيل التي غالباً ما يركز عليها منتقدو الأزياء المحتشمة، بل إن بعضها أثار بينهم الجدل أكثر من غيره. فقد كشفت دراسة لمجموعة بحثية في عام 2010 أن بعض النساء التركيات يعتقدن أن اللون الأحمر لا يتفق مع مفهوم الستر. وأشار الباحثون أنه “من حيث المبدأ، يجب ألّا تلفت المرأةُ التي تغطي جسمها الانتباهَ، غير أن اللون الأحمر يجتذب الأنظار بوضوح”. وهي نفس المعتقدات التي يرددها بعض اليهود الأرثوذكس.

 

وتشير مصوّرة الأزياء المحتشمة، نيكول نجمة أبراهام، إلى أن هذه المعتقدات تختلف باختلاف الخلفية الثقافية للإنسان وتراثه. وعن ذلك تقول: “ترتبط الألوان والأنماط بالمناطق والثقافات. فحين نذهب إلى غرب إفريقيا، على سبيل المثال، نجد النساء المحتشمات يرتدين الطبعات والألوان الجريئة، وهو أسلوب ارتداء النساء للأزياء المحتشمة في جميع أنحاء هذه المنطقة. لذا إذا ما ارتدت امرأة أزياءً سوداء بالكامل في هذه المنطقة، فإنها ستعدّ في هذه الحالة جريئة ومميزة أكثر من المرأة التي ترتدي الطبعات والألوان الإفريقية الزاهية”. وعلاوة على ذلك، تبدو عديد من النساء العربيات اللواتي يرتدين العباءات السوداء بالغات الجمال والأناقة، بفضل براعتهن في اختيار الحُلي التي تتناسب مع ما يرتدينه وأسلوب وضعهن للمكياج، وأحياناً أشكال تسريحاتهن. تقول عارضة الأزياء المحتشمة وفيقة عظيم: “يمكنني أن أريكِ عديداً من النساء الرائعات اللواتي تجعلهن العباءات السوداء ينفردن عن الجميع. وأنا لا أربط بين ارتداء الألوان الزاهية والبُعد عن الاحتشام، أو بين ارتداء الألوان الهادئة والاحتشام. وبوسعي أن أؤكد لكِ أنه بإمكانكِ ارتداء الأزياء زاهية الألوان دون أن تلفتي الأنظار – فالكثيرات منّا في أمريكا يتميزن عن الجميع حين يرتدين الألوان الهادئة”.

 

ومن ناحية أخرى، ترى مصممة الأزياء صفية عبد الله أنه لا تعارض بين الاحتشام والرغبة في التميز. ففي رأيها، يعدّ عالم الأزياء منفذاً إبداعياً يتيح لكِ التعبير عن ذاتكِ وتغطية جسمكِ في الوقت ذاته. تقول: “أرى أن التعبير عن الذات يكشف عن شخصيتكِ، وهو أمر بالغ الأهمية لأنه جزء من هويتكِ. وأشعر بأنكِ إن دفعتِ أحداً للتخلّي عن ذلك سيغدو أشبه بالإنسان المجهول أو المنسي، كما تعلمين. ولا أحد يريد أن يُدرج في تصنيف معين أو يُوضع في إطار خاص ويُنظر له على أنه لا يختلف عن أي إنسان آخر. لذا بدأت بعض النساء ارتداء حجابهن بأسلوب مختلف، في محاولة للتميز عن غيرهن من النساء المسلمات – ورغم تمسكهن القوي بإيمانهن بالله وهدفهن من الاحتشام، فقد حظين بقبول الغرب”.

 

كتب تحتفي بالأناقة

أفضل الكتب الجديدة عن الأزياء والموضة

 

عظماء تصميم الأزياء: من شانيل إلى مكوين، الأسماء التي صنعت تاريخ الموضة، من تأليف بريندا بولان وروجر تريدر

يقدم هذا الإصدار المصور الجميل والمنقح أحدث الدراسات الأكاديمية عن سِيَر 55 مصمم أزياء شهيراً ومجموعات أزيائهم. ويركز الكتاب على التغير الدائم في صناعة الموضة، والمصممين الذين يتبادلون المناصب، ويغادرون دور الأزياء بسرعة غير مسبوقة. (الناشر: دار بلومزبري)

 

بيتر ليندبيرغ. حكايات لم تروى

يجمع هذا الكتاب بين دفّتيه باقة مختارة من 150 صورة جديدة التقطها هذا المصور الأسطوري واختارها بنفسه للعرض في معرض خاص قبيل وفاته في العام الماضي. ويتضمن أيضاً تعليقات عن هذا المعرض إلى جانب إشادة به كتبها صديقه المقرب المخرج الألماني ڤيم ڤيندرز. (الناشر: دار تاشن)

 

كتاب الأناقة الكبير، من تأليف مايلز ريد

يقدم مهندس الديكور الأمريكي دليلاً للديكور أفرد له 300 صفحة فاخرة، تزخر بلمساته الفريدة التي تتميز بالجرأة، والفانتازيا، والرقي. ومن بين مصادر الإلهام التي يقدمها لقرائه منزله في المدينة وبيته الشاطئي، إلى جانب العديد من المشروعات التي نفذها في أنحاء الولايات المتحدة الأمريكية.

ظهر المقال تناقضات الموضة للمرة الأولى على الموقع الإلكتروني لڤوغ العربية



ليست هناك تعليقات:

يتم التشغيل بواسطة Blogger.