أندريا طايع: رحلة نحو النجومية
أندريا طايع، ممثلة أردنية-لبنانية استطاعت أن تلفت الأنظار بسرعة بموهبتها وأدائها العفوي. تألقت في دورها الرئيسي في مسلسل مدرسة الروابي للبنات، حيث جسدت شخصية مريم ببراعة ملفتة.
في عالم التمثيل، حيث يمتزج الشغف بالموهبة، تبرز أندريا طايع كواحدة من أبرز الوجوه الصاعدة في المشهد الفني العربي. ولدت عام 2001، وتمكنت في فترة قصيرة من أن تحقق نجاحاً لافتاً بفضل أدائها الصادق وشخصيتها المميزة. بدورها في مسلسل مدرسة الروابي للبنات، الذي نال إشادة دولية، قدمت أندريا لمسة خاصة جعلتها نجمة واعدة تتخطى حدود المحلية إلى جمهور عالمي، مع حفاظها على هويتها الثقافية الأصيلة.
نشأت أندريا طايع في مدينة عمان، حيث تأثرت بجمال الثقافة الأردنية وبساطة المجتمع المحيط بها. تصف هذه الفترة بقولها: «نشأتي في الأردن، بلد غني بالثقافة رغم قلة عدد سكانه، تركت أثراً كبيراً في شخصيتي. العيش في عَمان علّمني قيمة اللطف والبقاء على اتصال بجذوري، وسط مجتمع يتمسك بالتقاليد ويقدر العائلة». هذا الارتباط بالجذور والتقاليد، كما تقول، شكّل أساساً لشخصيتها وأثر بشكل كبير في طريقتها بالتعامل مع الحياة، سواء في مسيرتها المهنية أو الشخصية.
أما شغفها بالتمثيل، فقد بدأ منذ سن صغيرة بفضل البيئة الداعمة التي وفرتها عائلتها. تقول: «كنت محظوظة أنني نشأت في عائلة داعمة للغاية شجعتني وأشقائي على استكشاف مواهبنا من خلال الأنشطة المتنوعة، من الفنون والموسيقى إلى المسرح والرياضة. التمثيل كان الأكثر بروزاً بالنسبة لي لأنه منحني مساحة للتعبير عن نفسي». تضيف أن مشاركتها في المسرح أثناء طفولتها كانت نقطة تحول فارقة، حيث أدركت أن التمثيل ليس مجرد نشاط ممتع، بل شغف حقيقي تحلم بتطويره وتحويله إلى مسار مهني. تقول: «المسرح منحني فرصة للتعبير الكامل عن نفسي، وشعرت أنني أجد ذاتي بين الشخصيات التي كنت أؤديها». المسرح كان أيضاً منصة تعليمية أساسية بالنسبة لها. تتحدث عن تلك التجربة قائلة: «المسرح علّمني الانضباط والقدرة على الحضور الكامل في اللحظة. على خشبة المسرح لديك فرصة واحدة فقط لتقديم العرض، مما يجبرك على التكيف بسرعة والبقاء متصلاً بالشخصية. هذه الدروس رافقتني طوال مسيرتي، خصوصاً في الحفاظ على الاتصال العاطفي العميق في أدواري».
تستعيد ذكريات البدايات وتشارك أسماءً ملهمة أثرت فيها خلال مسيرتها، قائلة: «المخرجة نادين لبكي، مصدر فخر وطني، تلهمني برؤيتها المذهلة وقدرتها على تسليط الضوء على القضايا الأهم في مجتمعنا. أما بالنسبة للممثلين، فجوني ديب، وجيمس مكافوي، وهيلينا بونهام كارتر، وتاراجي هنسون، وآن هاثاواي هم أمثلة بارزة بالنسبة لي. ما يميزهم هو مدى الجهد الذي يبذلونه في أدوارهم وقدرتهم على تجسيد شخصيات متنوعة بكل إتقان».
حصولها على الدور الرئيسي في مسلسل مدرسة الروابي للبنات كان محطة فارقة في حياتها المهنية والشخصية. تتحدث عن تلك التجربة قائلة: «عانيت من التنمر خلال سنوات الدراسة، وكانت تلك التجارب لا تزال حاضرة في ذاكرتي عندما بدأت العمل على دور مريم. هذا جعلني أرتبط بالشخصية على مستوى شخصي عميق، وكأنني أروي قصتي أنا، كأندريا، من خلال مريم. لتحضير الشخصية بشكل كامل، قمت بتحليل كل جوانب حياتها – علاقاتها بأصدقائها وعائلتها، كيف تقضي وقتها، وما الذي يدفعها فعلاً». وتستعيد اللحظة التي تلقت فيها خبر حصولها على الدور بقولها: «كنت في لبنان لحضور حفل تخرج شقيقتي عندما تلقيت مكالمة من رقم أردني. في البداية، لم أصدق أن الأمر حقيقي. ولكن عندما استوعبت الخبر، ركضت بفرح شديد لأخبر والديّ. كانت لحظة لا تُنسى».
النجاح الدولي الذي حققه مسلسل «مدرسة الروابي للبنات» ترك بصمة كبيرة في حياتها. تعبر عن هذا التأثير بقولها: «المسلسل كان نقطة تحول حقيقية. فتح لي العديد من الأبواب وأتاح لي فرصاً لم أكن أتصور أنني سأحظى بها. أنا ممتنة جداً لهذا العمل الذي ساعدني على تعزيز مسيرتي التمثيلية». على الصعيد الشخصي، تعلمت أندريا من هذه التجربة درساً بالغ الأهمية: «أدركت أهمية إحاطة نفسي بالأشخاص المناسبين. أصبحت أكثر حرصاً على اختيار أصدقائي، وأتأكد أن قيمهم وأخلاقهم تتماشى مع قيمي. أبحث عن الأشخاص الطيبين والصادقين في قلوبهم».
وعن تجربتها في مسلسل القمر، الذي أضاف نقلة نوعية أخرى إلى مسيرتها، تقول: «كل دور مختلف عن الآخر، وفي القمر كان عليّ التحضير لشخصية نور بطريقة مختلفة تماماً. تحدثت مع أشخاص مروا بمواقف مشابهة لتلك التي تواجهها نور في القصة. سماع قصصهم أعطاني فهماً أعمق وأكثر أصالة للشخصية، وحاولت أن أعكس ذلك في أدائي». وتشير أيضاً إلى اختلاف كبير في عملية الإنتاج بين العملين: «بينما كان مدرسة الروابي للبنات مسلسلاً بنص مكتوب ومنظم، كان القمر أقرب إلى إنتاج بأسلوب فيلم وثائقي يعتمد بشكل كبير على الارتجال».
تعتبر أندريا أن دورها في فيلم «مش مهم الاسم» هو الأكثر تحدياً حتى الآن. تقول عن هذه التجربة: «أحد أصعب الأمور كان العمل مع فريق من الممثلين المخضرمين، ما جعلني أشعر بالحاجة إلى تقديم أفضل ما لديّ والحفاظ على مستوى أداء عالٍ طوال الوقت». وتشير أيضاً إلى التحديات الخاصة بالشخصية نفسها: «تجسيد الصراعات الداخلية لشخصيتي في الفيلم كان أمراً صعباً، كما أن هذا كان أول تجربة لي في العمل ضمن إطار الكوميديا الرومانسية. تطلب مني الأمر التعبير عن الكثير من المشاعر باستخدام تعابير الوجه ولغة الجسد بشكل دقيق».
عندما يتعلق الأمر بتجسيد الشخصيات، تسعى أندريا إلى الغوص بعمق في عوالمها، خاصة تلك التي تتميز بمشاعر أو قصص معقدة. تقول عن طريقتها: «أسلوبي في التمثيل يعتمد على أن أعيش بالكامل في عالم الشخصية. أحاول أن أضع نفسي في حياتها، أفهم تجاربها، وأرى العالم من منظورها. لتحقيق ذلك، أستعين بتجاربي الشخصية ومشاعري، خاصة إذا مررت بشيء مشابه لما تمر به الشخصية. هذا يساعدني في تقديم المشاعر بشكل صادق وحقيقي، مما يضيف عمقاً ومصداقية لأدائي». وعن الأدوار والأنواع التي ترغب في استكشافها في المستقبل، تجيب بحماس: «أرغب في استكشاف أدوار في أنواع الخيال العلمي، وأفلام الإثارة والحركة، والرعب. أشعر أنني أستطيع أن أجد نفسي في هذه الأنواع».
كونها من مواليد عام 2001، تُعتبر أندريا جزءاً من جيل جديد من الممثلين. وعن كيفية التمسك بقيمها أثناء التنقل في صناعة الترفيه، تقول: «والداي كانا دعمي الأساسي. كانا بجانبي منذ البداية، وساعداني على البقاء متصلة بجذوري وقيمي. توجيهاتهما تذكرني دائماً بأهمية إعطاء الأولوية لمبادئي، بغض النظر عن الصعوبات التي أواجهها. إنهما بمثابة ميزان يجعلني أحرص على أن تكون كل قراراتي متوازنة».
وعن أكبر درس تعلمته حتى الآن في مسيرتها، تضيف: «تعلمت أن أكون صبورة مع نفسي. التمثيل هو عملية مستمرة، والكمال ليس واقعياً. الأشياء الجيدة تستغرق وقتاً، ويجب ألا أتوقف عن الإيمان بما أريد وملاحقته. كل شيء سيأتي في الوقت المناسب».
تواجه أندريا أيضاً ضغوط الشهرة، لكنها تمكنت من إيجاد طرق للحفاظ على خصوصيتها. تقول: «تعلمت أن أضع حدوداً. لا أشارك كل شيء عن حياتي الشخصية على وسائل التواصل الاجتماعي. أصبحت أيضاً أكثر انتقائية في الأماكن التي أذهب إليها والأشخاص الذين أحيط نفسي بهم. الشهرة قد تكون مرهقة، لكنني أحاول أن أراها كجزء من عملي وليس جزءاً من هويتي».
وعن طموحاتها المستقبلية في صناعة الترفيه، توضح: «حالياً، أركز على تعزيز مكانتي كممثلة. أريد أن أستمر في بناء سجل مهني قوي، وألعب أدوار متنوعة، واكتساب المزيد من الخبرات. ومع ذلك، لدي اهتمام كبير بالإخراج في المستقبل. التمثيل أعطاني فهماً أعمق لسرد القصص وتطور المشاهد. أرغب في استكشاف الإخراج يوماً ما وتحقيق رؤيتي الخاصة».
عندما يتعلق الأمر باستخدام الفن كوسيلة لإثارة النقاشات حول القضايا الاجتماعية، تؤمن أندريا بقوة هذا الأسلوب. تقول: «أعتقد أن الفن هو أحد أقوى الأدوات لإثارة حوارات هادفة. لديه القدرة على الوصول إلى الناس على مستوى عاطفي، مما يكسر الحواجز ويشجع على التعاطف. مسلسل مدرسة الروابي للبنات تناول قضايا اجتماعية بطريقة مؤثرة وقابلة للتواصل. من خلال تقديم هذه القضايا عبر السرد القصصي، نجحنا في خلق مساحة آمنة للجمهور للتفكير والمناقشة وحتى تحدي المعايير التي يرونها من حولهم. بالنسبة لي، هذا هو الهدف الأسمى للفن: أن يجعل الناس يفكرون ويشعرون، مع ترك أثر دائم».
كونها ممثلة أردنية-لبنانية، تسعى أندريا للحفاظ على هويتها الثقافية مع التوجه نحو جمهور عالمي. تعلّق قائلة: «جذوري الثقافية هي شيء أفتخر به. هويتي كامرأة أردنية-لبنانية هي جوهر كياني. أؤمن بأن الأصالة هي المفتاح، وأنا دائماً أبحث عن طرق للتعلم والتعاون مع فنانين من ثقافات أخرى، مما يساعدني على النمو كممثلة وكشخص».
وعندما تكون خارج إطار العمل، تُظهر أندريا جانباً مليئاً بالطاقة والشغف. توضح: «عندما لا أعمل، أحب أن أبقي عقلي وجسدي نشيطين. جسدياً، أحب الذهاب إلى الجيم ولعب كرة السلة. عقلياً، أنا شخص فضولي بطبعي، لذا أحب قراءة الكتب والبحث عن أشياء جديدة لتجربتها، مثل تعلم لغات جديدة، دائماً أسعى لتدريب عقلي. أما من الناحية الإبداعية، فأنا أعشق الرسم والتلوين، لأنه يتيح لي التعبير عن نفسي بطريقة مختلفة. مهنياً، أعمل باستمرار على تطوير نفسي كممثلة، من خلال حضور ورش العمل وممارسة تدريبات الصوت للحفاظ على لياقتي المهنية والاستعداد لأي دور مقبل».
من الواضح أن أندريا ليست فقط ممثلة موهوبة، بل أيضاً شخصية طموحة مليئة بالشغف للتعلم والتطور، تسعى دائماً لأن تترك بصمة خاصة بها في عالم الفن.
The post أندريا طايع: رحلة نحو النجومية appeared first on ﭭوغ العربية.
ليست هناك تعليقات: